responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 354
ماء الطوفان منه وبعد فوران التنور المعهود وغليانه واطلعت عليه امرأته فأخبرته قُلْنَا له تفضلا عليه وامتنانا احْمِلْ فِيها اى في السفينة مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ من الحيوانات التي تعيش في البر وفي الهواء اثْنَيْنِ ذكرا وأنثى وَاحمل ايضا عليها أَهْلَكَ اى جميع اهل بيتك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ والحكم منا في سابق قضائنا بانه قد كان من الكافرين المغرقين وَاحمل ايضا فيها جميع مَنْ آمَنَ لك من قومك وَالحال انه ما آمَنَ مَعَهُ من قومه إِلَّا قَلِيلٌ قيل كانوا تسعة وسبعين زوجته المسلمة وبنوه الثلاثة سام وحام ويافث ونسائهم واثنان وسبعون رجلا من غيرهم والكل مع نوح عليه السّلام. روى انه عليه السّلام قد أتم السفينة وكان طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين وسمكها ثلثين وجعل لها ثلاثة بطون فحمل في أسفلها الدواب والوحوش وفي أوسطها الانس وفي أعلاها الطير
وَبعد ما نبع التنور وانتشر الماء وانبسط على الأرض قالَ نوح بوحي الله إياه والهامه ارْكَبُوا فِيها اى صيروا في جوفها متمكنين واستقروا عليها قائلين متيمنين بِسْمِ اللَّهِ إذ هو سبحانه بحوله وقوته مَجْراها وَمُرْساها حيث أراد إجرائها وارساءها اى إقامتها إِنَّ رَبِّي الذي رباني بلطفه واوحانى بصنعها ونحتها لَغَفُورٌ لمن استغفر له رَحِيمٌ يقبل توبته ويمحو ذلته وينجى عن عذابه فركبوا مسميين متيمنين على الوجه المأمور
وَهِيَ اى السفينة تَجْرِي بِهِمْ فِي خلال مَوْجٍ وهو ما ارتفع من الماء من تهييج الرياح عال كَالْجِبالِ الشامخ وَحينئذ نادى نُوحٌ ابْنَهُ المسمى بكنعان وَكانَ فِي مَعْزِلٍ قد اعتزل عنه وانصرف عن دينه فرآه بين الماء فتحرك عطف الأبوة فصاح عليه يا بُنَيَّ صغره واضافه لشدة شفقته وترحمه ارْكَبْ مَعَنا لتنجو من الغرق وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ المغرقين وبعد ما سمع ابنه صيحة أبيه
قالَ مستنكرا عليه سَآوِي والتجئ إِلى جَبَلٍ عال يَعْصِمُنِي مِنَ إغراق الْماءِ بشموخه وارتفاعه قالَ يا بنى لا عاصِمَ ولا منجى الْيَوْمَ لاحد مِنْ أَمْرِ اللَّهِ المبرم وحكمه المحكم إِلَّا مَنْ رَحِمَ الحق إياه وأنجاه إذ لا منجى ولا عاصم في الوجود غيره وَحينئذ قد حالَ بَيْنَهُمَا اى بين نوح وابنه كنعان الْمَوْجُ العظيم الهائل فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ وصار ابنه من زمرة الغرقى الهالكين
وَبعد ما انبسط الماء على وجه الأرض وعلا على اعالى الجبال وإقلال الرواسي وهلك من عليها قِيلَ من وراء سرادقات العز والجلال مناديا آمرا على الأرض والسماء مثل نداء ذوى العقول المكلفين المبادرين الى امتثال الأوامر المأمورة لهم يا أَرْضُ النابعة للماء المخرجة له ابْلَعِي ماءَكِ اى انشفى واقبضى ما نبع عنك من الماء وَيا سَماءُ الماطرة الهامرة أَقْلِعِي وأمسكي ماءك ولا تمطرى 2 إذ يمطر الماء مثل ما نبع من الأرض وَبعد ورود الأمر الوجوبي الإلهي غِيضَ الْماءُ ونقص من نشف الأرض وأقلعت السماء وَقُضِيَ الْأَمْرُ الموعود الذي هو إهلاك الكفار وإنجاء المؤمنين وَبعد انقضاء المأمور المعهود وانجاز الوعد الموعود قد اسْتَوَتْ السفينة واستقرت عَلَى الْجُودِيِّ هو جبل بالموصل وقيل بآمد. روى انه عليه السّلام قد ركب على السفينة عاشر رجب ونزل عنها عاشر المحرم فصام ذلك اليوم فصار صومه سنة سنية منه على من بعده وهو صوم يوم عاشوراء وَبعد إهلاك أولئك الكفرة العصاة الغواة قِيلَ من قبل الحق بُعْداً اى قد بعد بعدا وطرد طردا مقتا وهلاكا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الخارجين

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 354
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست